المقدمه
القانون هو إحدى المؤسسات الجوهرية في حياة الإنسان الاجتماعية، لولاه لأصبح الإنسان مخلوقاً لاحتلنا جدا عما هو عليه، وإن نظرة عاجلة تلقي على محتويات هذا الكتاب لتكفي لتبين للقارئ الدور البارز الذي كان يقوم به القانون في الشؤون الإنسانية عملياً وفكرياً وما يزال، ولئن كان هناك فلاسفة عظام من أفلاطون إلى ماركس، قد ذهبوا إلى أن القانون شر يجدر بالإنسانية التخلص منه فإن التجربة دلت برغم شكوك الفلاسفة على أن القانون إحدى القوى التي تساعد على تحضر المجتمع الإنساني وعلى أن نمو الحضارة قد ارتبط على الدوام بالتطور التدريجي لنظام من القواعد الشرعية، ولجهاز يجعل تنفيذها فعالا ومنتظما .
على أن القوانين لا توجد في فراغ بل توجد جنباً إلى جنب مع مبادئ خلقية متفاوتة التجديد والتعقيد . ومن الواضح أن علاقة القانون بالقواعد والقوانين الخلقية ذات أهمية عظمى في كل مجتمع بشري، ومنها مجتمعنا البشري الحاضر، كما تشهد على ذلك أمثلة عديدة المشكلات شائعة مثيرة للجدل من المعضلات المتضاربة، نذكر منها على سبيل المثال المسؤولية القانونية للذكور البالغين ومقاضاتهم بخصوص الشذوذ الجنسي، حتى لو تم الفعل سرا وبالتراضي برضاء الطرفين وفي مكان خاص. ومسألة عقوبة الإعدام التي تجر وراءها فلسفة الهدف من العقوبة التي يفرضها قانون العقوبات
والمسائل القانونية المتعلقة بحرمة حياة الإنسان مثل القتل الرحيم، أي قتل الإنسان الذي يشكو من مرض عضال لا براء منه، والانتحار والإجهاض ومسألة ما إذا كان الحق في الطلاق يستند إلى فكرة الإثم أم يتوقف عل انهيار الزواج. كل هذه المسائل تشير إلى التوتر والتعارض الذي ينشأ بين الأفكار الخلقية السائدة في مجتمع ما وبين القواعد القانونية التي تسعىإلى إرساء حقوق وواجبات قانونية دقيقة.
أضف إلى ذلك أن الإيمان بقانون خلقي كان له تأثير هائل على فكرة الإنسان عن القانون النافذ بالفعل في مجتمعه الخاص. ذلك لأن الفكرة القائلة بأن هناك من وراء النظم القانونية المعمول بها في مختلف المجتمعات قانوناً أسمى يمكن على أساسه أن نحكم على القانون البشري الوضعي هذه الفكرة قد أدت إلى نتائج مهمة في الكثير من مراحل التاريخ البشري الحرجة،
ذلك لأنها قد أدت إلى استخلاص نتيجة مؤداها أن هذا القانون الأسمى يجب و يلغي القواعد الفعلية لأي مجتمع معين حين يتضح أنها مخالفة للقانون الأسمى، وليس هذا فحسب، بل إن هذه النتيجة يترتب عليها جواز إعفاء الفرد من واجبه تجاه الخضوع للقانون الفعلي،
بل إنه يملك الحق الشرعي في التمرد على سلطة الدولة الشرعية. ويجب ألا يغرب عن البال أن هذا النوع من الحجة مازال قائما حتى يومنا هذا ومازالت له نتائج وتطبيقات عملية. مثال ذلك أن هؤلاء الذين ينادون بان هناك حقوقا إنسانية أساسية يضمنها القانون الخلقي (الأسمى) أو القانون الطبيعي، يرون أن القوانين التي تميز بين قطاعات من المجتمع على أساس الدين أو العرف تتعارض مع المفاهيم الأخلاقية الأساسية وبالتالي لا يجوز اعتبار هذه القوانين نافذة على الإطلاق، ومن حق المرء قانونيا وخلقيا أن يرفض الالتزام بها وسنحاول في هذا الكتاب أن نفحص هذه المشكلات
https://drive.google.com/file/d/15oQxmBFPBnfx4tkhBvnQemDPr1vZctd5/view?usp=drivesdk
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- رسالة ماستر بعنوان التقادم الجنائي وضرورات العدالة الجنائية
- رسالة ماستر بعنوان اجراءات التبليغ والتنفيذ في العمل القضائي
- النزاعات المرتبطة بالسكن الوظيفي على ضوء الاجتهاد القضائي
- اطروحة دكتوراه في الولاية على اموال القاصر
- رسالة ماستر بعنوان الحقوق والحريات في الدستور المغربي
- رسالة ماستر بعنوان التعويض في الكراء التجاري
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- أطروحة دكتوراه بعنوان مشاركة المرأة في الحياة السياسية المغربية
- أطروحة دكتوراه إصالح الميزانية العامة بالمغرب
- أطروحة سلطة القاضي في الاثبات في المادة المدنية
- أطروحة دكتوراه بعنوان علاقة السياسة بالإعلام السمعي البصري بالمغرب
- أطروحة حماية المستهلك بين القوانين العامة والخاصة
- دور السياسة الجنائية في تحقيق الأمن الرياضي أطروحة دكتوراه
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان الإنذار العقاري على ضوء العمل القضائي
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان التحكيم في نزاعات الشغل
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان إشكالية الحضانة في الزواج المختلط
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان المحاكمة العادلة بين النظرية و التطبيق
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان دعوى إتمام إجراءات بيع العقار المحفظ
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان القضاء الإستعجالي في المادة الإدارية