مقدمة
يعود أصل كلمة الإدارة إلى اللغة اللاتينية " administrare " وتعنى الخدمة والمساعدة والتوجيه، ولقد استعملت الكنيسة هذا المصطلح واحتفظت بنفس المعنى، في إطار ما يسمى ب " إدارة الأسرار المقدسة "، ومع ظهور الدولة الحديثة، فإن مفهوم الإدارة حافظ على نفس المضمون، وأصبحت الإدارة الحديثة تتمثل في تلك الأجهزة التنظيمية التابعة للدولة. مركزية أو لا مركزية والتي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة عبر تقديم الخدمات إلى المواطنين وضمان حقوقهم وكذا مساعدتهم على القيام بواجباتهم، باعتبارها منتجة الحقوق والالتزامات والعقود .
وتكمن أهمية الإدارة في أن الإنسان منذ القدم يعيش مع الجماعة، لأنه مدني بطبعه لا يحب أن يعيش منعزلا عن الناس، فهي إذن وسيلة مهمة لتسيير أمر الجماعة والفرد تحو أهدافها، وكذلك مهمة لتسيير أمور المؤسسة نحو تحقيق أهدافها، سواء أكانت كبيرة أم صغيرة تجارية أم صناعية، إنتاجية أو خدماتية، وعلى الرغم من وجود بعض المؤسسات التي حققت نجاها بدون إدارة فعالة، إلا أن هذا لا يعني أن التقدم الحضاري يقوم بدون جهود الإدارة. فالإدارة هي المسؤولة عن نجاح المنظمات داخل المجتمع، لأنها قادرة على استغلال الموارد المالية والبشرية لكن نقص الخبرة الإدارية جعلها في موضع متخلف كما أن نجاح خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيقها لأهدافها لا يتم إلا بحسن استخدام الموارد المالية والبشرية المتاحة، وكذلك الأمر فيما يخص نجاح المشاريع المختلفة في جميع الأنشطة الاقتصادية والزراعية والصناعية والخدماتية، ولا شك أن استخدام الموارد المتاحة دون إسراف أو تقصير يتوقف أساسا على كفاءة الإدارة في مجالات النشاط المختلفة.
فالإدارة تلعب دورا كبيرا في تقدم الدول وتخلفها، فاستغلال الموارد المادية والمعنوية واستثمارها الاستثمار الأمثل يعتمد أساسا على مدى وجود إدارة ذات كفاءة عالية، فهناك العديد من الدول التي تملك الموارد المادية والمعنوية ولكن افتقارها للإدارة الجيدة والفعالة
جعلها في مصاف الدول المتخلفة، فالدور الأساسي للإدارة هو توجيه المؤسسة أو المنشأة أو الوحدة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو عسكرية نحو تحقيق أهدافها بأقل تكلفة وأسرع وقت، فالإدارة هي المسؤولة عن تنفيذ سياسات الدولة، ونجاح تلك السياسيات والمشاريع في جميع الأنشطة يتوقف أساسا على كفاءة وفاعلية الجهاز الإداري، ومن هنا نجد أن نجاح خطط التنمية مرتبط بمستوى كفاءة المرفق العام.
كما تجسد الإدارة مظهرا أساسيا لنشاط الدولة الرامي إلى تلبية الحاجيات المختلفة للأفراد في شتى المجالات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار من الجودة والفعالية. وقد زاد حجم تدخل الإدارة في العديد من المشاريع، نظرا لحاجة الأفراد للخدمات مما يفرض عليها بشكل ملح تطوير آليات اشتغالها وتوفير مقومات عملها من موارد بشرية ومالية وعلمية وتكنولوجية حتى تكون مواكبة للمستجدات الدولية .
فنتيجة التوسع اختصاصات الجهاز الإداري في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية العقدت هيكلته وبرزت البيروقراطية، بمعناها السلبي داخله واستفحلت أمراضه، وهذا ما جعل الإصلاح الإداري يحتل الأولوية في تفكير علماء الإدارة والحكومات.
وإذا ما انطلقنا من رؤية عامة تقارب الجهاز الإداري على أنه مجموعة أنماط سلوكية للأفراد العاملين في جهاز الدولة والجماعات مترابطة بينها بموجب ضوابط سلوكية رسمية تجسدها. القوانين والمساطر والتعليمات، وغير رسمية كالعادات والتقاليد والأعراف موجهة لتنفيذ سياسات الدولة في إطار الإمكانات المتاحة، فإن النتائج الأولية لهذا المنطلق تحتم ابتداء. العملية الإصلاح الإداري ضمن بيئة سياسية ومحيط اقتصادي ووسط اجتماعي ثقافي
وهذه النظرة الشاملة هي التي تحقق الهدف الأساسي لأية عملية إصلاح إداري تستهدف تحقيق تنمية دائمة لأن الإدارة جزء فقط من الدولة على الرغم من أهميتها.
العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء الحاضر وقال المستقبل القرومة النيل الماوراء كلية
أما عند دراسة واقع الإدارة العمومية المغربية تلاحظ أنها تحتل مكانة خاصة في المجتمع المغربي، وذلك لارتباطها بمفهوم الدولة حديثا وقديما، وقد اعتمد المغرب منذ الفترة السابقة للحماية على الإدارة التقليدية كوسيلة لتسيير شؤونه، فهي إدارة تعتمد بشكل أساسي على المعاملات الورقية، مع ما يتطلبه ذلك من وجود مستودع كبير لحفظ الوثائق والملفات وضرورة المرور من خطوات عديدة قبل إنجاز أي خدمة مقدمة إلى المرتفق.
ومن أجل إصلاح الإدارة، شكل المغرب سنة 1981 لجنة وطنية للإصلاح الإداري، إذا فحصت المشاكل التي تواجه الإدارة، وأصدرت مجموعة من التوصيات إلا أن غالبيتها المحورت حول المشاكل القانونية كمراجعة القانون الأساسي للوظيفة العمومية وإصلاحالهياكل الإدارية، وجاء تقرير البنك الدولي لسنة 1995 صادما المواقع الإدارة المغربية ودعا إلى إصلاحات مستعجلة، معتبرا أن طرق تسيير الإدارة تقليدية كما الكنت مجموعة من المناظرات الوطنية على دراسة وفحص الإشكالات التي تعالى منها الإدارة العمومية، حيث خرجت في مجملها بأمرين مهمين أولهما رصد الاختلالات التي تعيشها الإدارة، وثانيهما
طرق الإصلاح والتدابير الواجب اتخاذها.
وعلى الرغم من الإصلاحات العديدة التي همت البنيات الإدارية، وكذلك النصوص القانونية المنظمة للعمل الإداري، إلا أن الإدارة المغربية ظلت تعاني من عدة مشاكل واختلالات ومن عدة أزمات داخلية وخارجية انعكست سلبا على جودة عملها، وعلى علاقتها بالمرتفقين، إذ ان تشخيص واقع الإدارة ببين وجود مجموعة من العراقيل التي تقف أمام تحقيق التنمية المنشودة.
لقد كانت هذه المشاكل أهم عامل حاز على التفكير في ضرورة تحديث الإدارة ومدها بالوسائل. اللازمة لتحسين عملها، وإخراجها من محيطها المغلق، ولاسيما في ظل التحولات العالمية الكبرى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والآثار الاقتصادية الناتجة عن العولمة التي تهم الإنتاجية والتنافسية، وبروز مفاهيم جديدة كحسن التدبير والحكامة الجيدة، مما يجعل المرفق.
من المعلوم أن الإدارة العمومية في ماء ووسيلة للتحقيق التنمية الشاملة فلا تنمية بدون عارة عمومية فعالة ومنتجار النظر : حيد اللى اخيرة 2009 استراتيجية تحديث الإدارة العمومية بالمغرب المجلة المغربية منارة المحلية والكمية عند مزدوج 2017 م2
العمومي أمام تحديات كبرى إذ بات مفروضا عليها أن تطور و تجدد أساليب اشتغالها حتى تستجيب لانتظارات المواطنين وتكون أداة محورية في خدمة التنمية.
كما أصبح خطاب إصلاح الإدارة وتحديثها أكثر جدية مما قبل، وتم تكريس هذا التوجه في دستور 2011، الذي حث على تغيير أنماط التكبير الإداري والمالي، وتم اللجوء إلى التقنيات الحديثة للتنظيم المتمثلة في الحكامة الجيدة، وهكذا كان الخطاب الملكي في افتتاح الدورة الأولى للسنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة للبرلمان، خطابا قويا معلنا في طياته عن " ثورة إصلاحية كبرى " على مستوى إحدى أهم القطاعات الاستراتيجية المعول عليها للوصول إلى مصاف الدول المساعدة، الا وهو القطاع الإداري، والذي ما قتلت منظومته تعاني من اختلالات جمة، جعلته قطاعا معطوبة بالنظر إلى كونها اختلالات عميقة تقف عقبة أمام التنمية في شتى تجلياتها وتمس في الصميم صدق نوايا الإجراءات التحديثية للبنيات الإدارية القائمة مما استوجب بالضرورة لتجاوزها القيام بإصلاحات جوهرية وهيكلية. كما - يؤكد الخطاب الملكي - " أن النجاعة الإدارية معيار التقدم الأمم "، الشيء الذي يفرض التفكير الملي في تبني نمط جديد للتدبير الإداري، نمط يجعل من الإدارة رافعة حقيقية للتنمية الشاملة والمستدامة، وإلا فإن عكس ذلك سيشكل في المستقبل معيقا موضوعيا أمام طموحالمغرب في الارتقاء الإيجابي في مصاف الدول السائرة بثبات نحو الصعود الإداري على وجه الخصوص حيث يشير الخطاب نفسه في هذا الصدد إلى أنه " ما دامت علاقة الإدارة بالمواطن لم تتحسن فإن تصنيف المغرب في هذا الميدان سيبقى ضمن دول العالم الثالث إن لم أقل الرابع أو الخامس ..
وبذلك فإن جوهر هذا الخطاب الملكي هو الدعوة الصريحة إلى بناء صرح الحكامة الإدارية وضمان انتقالها السلس من حكامة إدارية " سيئة " إلى حكامة إدارية " جيدة " وتجاوزا للمشاكل والعراقيل والاختلالات الإدارية زادت أهمية التحديث والانتقال من الإدارة التقليدية إلى إدارة أخرى أكثر عصرنة، والفتاها وديمقراطية، في ظل ما يمر به العالم من في الخطاب الملكي الدي القامة من الدار القاء الملك في : فتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية الما العشرة - بتاريخ 114 2010 - الرباط النظر الموقع : tttaden Surtonutrient
https://drive.google.com/file/d/136l-b2QqUPerSCO_YLR9wC66TSGvAGJ0/view?usp=drivesdk
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- رسالة ماستر بعنوان الضمانات الدستورية لحماية حقوق الإنسان المغرب نموذجا
- رسالة ماستر بعنوان الوساطة الجنائية كآلية بديلة للدعوى العمومية
- رسالة ماستر بعنوان الحماية الجنائية للحدث
- رسالة ماستر بعنوان الحماية القضائية لمصلحة القاصر في مدونة الأسرة
- ماستر التحصيل الجبري الديون العمومية
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- أطروحة العقد المبرم بطريقة الكترونية
- دور السياسة الجنائية في تحقيق الأمن الرياضي أطروحة دكتوراه
- أطروحة المنازعات الجبائية في مجال الضرائب المباشرة بالمغرب
- أطروحة القرار التنظيمي في القانون العام المغربي
- أطروحة أحكام اجتهاد القضاء الاداري في المنازعات الضريبية
- أطروحة التعرض في التحفيظ والمساطر الخاصة
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان إشكالية الحضانة في الزواج المختلط
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان الطعن بالزور الفرعي بين النص القانوني و العمل القضائي
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان ثبوث النسب بين النص والتطبيق
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان الجريمة المعلوماتية على ضوء العمل القضائي المغربي