رابط تحميل المقال اسفل التقديم

مقدمة:

إذا نحن استعملنا كلمة "الرقمنة" كمفهوم تقني، في سياق قانوني محض فمن الممكن أن تسقطه على العديد من النظريات القانونية ابتداء بالعقود الذكية smart contrat، إلى جانب العديد من العمليات المالية الواقعة - مثلا - في السوق المالية، وأيضا على مستوى الملكية الأدبية والفكرية حيث أضحت الملكية فيهما لا عادية، وانتهاء برهان رقمنة المحاكم، بما يفيد بشكل أشمل رقمنة العدالة Justice digitale-numérique

قد يثور السؤال بدءاً، ما الداعي إلى هذه الرقمنة ؟ لسببين رئيسيين : الأول مرده إلى الدور الهام والحاسم للتقنيات الحديثة في ضمان السرعة والمرونة، ومن تم مسايرة التجارب المقارنة ومحاولة اللحاق بها، والسبب الثاني واقعي قانوني راجع العجز الوضعية الحالية في حماية الحقوق والحريات، وتحقيق العدالة كأفق نهائي.

هكذا يتبدى أن تحقيق العدالة لم تعد تحكمه المحددات القانونية لوحدها، بل أضحت تحديات الرقمنة توجه عملية إنتاج العدالة بشكل متين يتنبه الرهانات السرعة والمرونة .

العدد 38 من عجلة الباحث للدراسات والأبنات القانونية والقضائية - الشهر يناير 2022 م

وحيث إن النقاش الحقيقي لا يبدأ إلا من خطورة الرهان ، خصوصا أمام ما نعيشه حاليا من اعتداء على عدالة المعتقلين بعد الاعتماد على تقنية المحاكمات عن بعد كليا، دون أسس أو رؤى سابقة لهذا الغمار ، وحيث إن رهان العدالة الرقمية لا يمكننا من معرفة إمكانية نجاحه من عدمه إلا بإفساح دراسات نظرية، فلا بأس من التفاعل مع جدية هذا الموضوع، لعل التفاعل قد يفتح أشكالاً أخرى لحلول جديدة.

صحيح أن هذه التقنيات الجديدة تحمل في ثناياها الكثير من الأمل، لعلها سوف تسمح بمعالجة فعالة للقضايا الرائجة أمام القضاء، كما ستمكن المتقاضي من الذهاب إلى المحكمة دون الحاجة إلى التنقل من مكانه، ومتابعة تطور قضيته في أي وقت شاء، بل حتى مساءلة 2 السلطة القضائية عن مصير قضيته، ومن تم التغيير الممكن مستقبلاً لا بد وأن يأخذ في اعتباره الثورة الرقمية، بل ربما لم يعد ممكنا من دونها.

وعلى العكس من ذلك أيضا، فإنها قد تشكل خطراً كبيراً، يتمثل في تجريد العدالة من الكفاءة الإنسانية، وقد تعيق المبادئ الأساسية التي من المفروض أنها محضنة، لعل أهمها حق المتقاضي في التواصل المباشر مع القضاء، فكل حكم قضائي، هو قبل كل شيء حدث. بل أكثر من ذلك، فكون العدالة الرقمية تتطلب تجسيدا لا ماديا بالضرورة للقضاء، فهي تهاجم إذا بعداً رمزياً لسيادة الدولة

قد يعترض البعض على قولنا هذا، بأن العدالة في وضعها الحالي، والكفاءة الإنسانية من جهة أخرى، ترتبطان في أذهاننا بالشح والندرة والبطء في صناعة العدالة، بمفهوم آخر أكثر وضوحاً بقلة الإنتاج وندرة الإبداع. وأنه قلما يفهم أن

الخطيبي المغرب العربي وقضايا الحداثة، مشورات عامل الطبعة الثانية، من 36 في سياق السؤال والاستخبار لا المجانية Juger est avant toute chose un événement. A Garapon, Bien juger. Essai sur le rituel judiciaire,

Ole Jacsh, 2001 18

A. Hyde, la justice dignax, ane au enremie du droit ? Jan 2015, Rouem p

مجلة قانونية علمية محكمة

العدد 38 من عجلة الباحث للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية - لشهر يناير 2022 م

تمظهرات الرقمنة تسعى دوما نحو التجديد والابتكار، وأنها ما تفتا تكتشف أو تبتدع طرقا جديدة لاستغلالها في شتى المجالات، بما فيها إنتاج العدالة، وكون المجتمعات التي تتبناها تغدو بسرعة، أكثر إنتاجاً وثراء، على خلاف التجارب التي تظل وفية لتقنياتها التقليدية، فهي تفتقر تدريجيا، بل تغدو دائما عرضة الخطر التأثير على العدالة نفسها، وكونها ستنهزم في أول امتحان، وأن تأخرها في استغلال الرقمنة، سيجعلها لا تساير بنفس الكيفية تجارب الدول التي سبقتها في صناعة عدالة رقمية كمنتوج جديد .

إن هذه المستحدثات الرقمية كمنتوج أو بديل، تثير ما يكفي من الاستغراب والانتهال باعتبارها عرضة على الإدراك الحسي غير الملموس، فيبقى من الصعب الحكم عليها دون تجريبها، وحيث إن التجارب الرقمية في المغرب لا تزال في بداية التحدي أو التحول الرقمي، من ثم يصبح كل حكم تجاهها سابقا ، أو يمكن تسميته بردود فعل استباقية، لكن هذا لا يمنع من التحليل النظري إلى 579 / 334 - التنزيل التطبيقي .

لاجله، لعل أول ما ينبغي التوقف عنده في هذه المحاولة، هو أثر التطور الرقمي على مستوى المحاكم في إنتاج العدالة، ثم مقاربة الموضوع من زاوية مسايرة سلطة القضاء للتحولات الرقمية، بما يمكن أن يسمح لبناء عدالة مستقرة وثابتة .

أولا : المحاكم الرقمية ... ارتماء في المستقبل

منذ أول اطلاع على بعض الكتابات في موضوع المحاكم الرقمية والشكل الجديد للعدالة، يتضح أن نجاح هذا التحدي يتطلب أن تظل العدالة إنسانية قبل كل شيء. وإلا ستفقد العديد من المرتكزات التي تعد الحجر الأساس في تحقيق الولوج المستنير للعدالة ..

ان قبول رهان رقمنة المحاكم يثير العديد من المخاوف، كما أن احتمال التحول الكلي من بهو المحاكم وقاعاتها، إلى محاكم افتراضية غير مجسدة بفعل

العدد 38 من مجلة الباحث للدراسات والأبعات القانونية والقضائية - الشهر يناير 2022 م

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/10wNBwNRNuNSqPOduLiq5eS7F5UWpfaAt/view?usp=drivesdk