مقدمة
شهد العالم مجموعة من التطورات والمتغيرات المتسارعة في جميع المجالات بما فيها مجال التكنولوجيا والانترنيت الشيء الذي دفع بالإنسان إلى استغلال التقدم التكنولوجي والعمل به في شتى المجالات . إذ تم إضفاء صفة وطابع الرقمنة على جل المرافق، بهدف الارتقاء بالخدمات وتبسيط الإجراءات. وقد تبنى المغرب مفاهيم جديدة. حيث اعتبر الإدارة الإلكترونية منظومة رقمية متكاملة تسعى إلى اتخاذ القرار بشكل وجيز وبتكلفه أقل. ولم يكن قطاع العدالة بمنأى عن هذه التطورات التكنولوجية، إذ استفاد هو الآخر منها في تقديم خدماته القضائية وتطويرها .
وتعتبر الإدارة القضائية عماد الأمن القضائي والحكامة الجيدة، فهي تحصن الدولة وتحفز التنمية، لذلك تم النهوض بإصلاحها. حيث قامت الدولة بجهود عديدة من أجل تشجيع استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في إدارة المحاكم ورقمنة المساطر والإجراءات وتوظيف الوسائل الرقمية في عملية التواصل مع المتقاضين والمهنيين ومساعدي العدالة .
وقد أضحت معظم الدول تستخدم الذكاء الاصطناعي في النظم القضائية، حيث يجري بالفعل استخدامه في
مجال التحقيق وفي عمليات صنع القرار القضائي، وأيضا في تبسيط الإجراءات القضائية وتسريعها. غير أن المغرب كأغلب دول العالم لم يظل حبيسا لأنظمته التقليدية، وإنما دخل الثورة الرقمية من أوسع أبوابها،
بحيث عمل على استثمار التكنولوجيا الرقمية في مجال العدالة، وجعلها أحد المداخل الأساسية لتحسين جودة الخدمات المقدمة من قبل المهن القانونية والفضائية. وذلك تجسيدا لتوجهات جلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي ما فتئ يؤكد على ضرورة انخراط كل الفاعلين في ورش التحول الرقمي لمنظومة العدالة في في مناسبات عديدة من بينها الرسالة السامية الموجهة إلى المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة المنعقد بمراكش بتاريخ 21-10-2019 حيث قال جلالته وفي نفس السياق، ندعو الاستثمار ما توفره الوسائل التكنولوجية الحديثة
يعرف الذكاء الاصطناعي من الناحية التقنية على أنه آلات مبرمجة بالحاسوب تستخدم خوارزميات وإجراءات محددة لأداء مهمة أو عمل معين وبعبارة بسيطة هو تكنولوجيا تجعل الآلة تفكر وتتخذ قرار بمعنى أنها تجاوزت مرحلة تذكر البيانات ومعالجتها. فالذكاء الاصطناعي يشمل مجموعة من الخوارزميات التي تتألف فيما بينها لتحقيق نتائج دون حاجة إلى توجيهات صريحة. وهذا التعريف قريب نوعا ما إلى ذلك المقدم في قاموس اوكسفورد في حين أن قاموس ويستر بفضل تعريف الذكاء الاصطناعي كفرع من علوم التكنولوجيا التي تحاكي الذكاء البشري وتقلد السلوك الإنساني
34
شؤون استراتيجية |
العدد 20
ديسمبر 2021
من إمكانيات لنشر المعلومة القانونية والقضائية، وتبني خيار تعزيز وتعميم الأمادية الإجراءات والمساطر القانونية والقضائية، والتقاضي عن بعد، باعتبارها وسائل فعالة تسهم في تحقيق السرعة والنجاعة، وذلك انسجاما مع متطلبات منازعات المال والأعمال، مع الحرص على تفعيدها قانونيا، وانخراط كل مكونات منظومة العدالة في ورش التحول الرقمي" انتهى النطق الملكي السامي.
وتجسيدا لانخراط والتزام منظومة العدالة بكل مكوناتها في هذا الورش الكبير، تم إدماج التكنولوجيا الرقمية كرافعة أساسية في ميثاق إصلاح منظومة العدالة من خلال هدفه السادس الرامي إلى تحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها .
إلا أن تقنيات الذكاء الاصطناعي أضحت أمرا حتميا ، خصوصا حينما ألغت التحولات الرقمية بمفاهيمها التقليدية وارست ركائز جديدة ساهمت في تطوير الأنظمة التشريعية والقضائية، 12 وتقديم تصور جديد للمهن القانونية والقضائية بغية الوصول إلى العدالة الافتراضية أو التنبؤية.
وتبعا لذلك، فإن هذه الدراسة تهدف إلى الكشف عن واقع التحول الرقمي لمنظومة العدالة بالمملكة المغربية . ومعرفة آفاق استخدام الذكاء الاصطناعي في المهن القانونية والقضائية بها ، مع بيان الصعوبات التي تعترض تطبيقه وسبل تجاوزها لتنزيله على أرضية الواقع حتى يتمكن قطاع العدالة من تحقيق الأهداف المسطرة في الميثاق الوطني الإصلاح منظومة العدالة .. وعلى هذا الأساس تتحدد الإشكالية الرئيسية في:
كيفية تكييف العلاقة بين أنظمة الذكاء الاصطناعي ومفهوم العدالة الناجزة، ثم ما المصير الذي
ستواجهه المهن القانونية والقضائية في ظل استخدام النظم الذكية؟
وللإجابة عن الإشكالية المطروحة، والإحاطة بكافة جوانب الموضوع، فإنه سيتم التطرق في (المحور الأول) الواقع التحول الرقمي المكونات منظومة العدالة، بينما سيتم التطرق في المحور الثاني) إلى المنظومة القضائية في مواجهة الذكاء الاصطناعي.
المحور الأول: واقع التحول الرقمي المكونات منظومة العدالة
إن التطورات التي يشهدها المغرب في المجالات القانونية والقضائية والحقوقية ، أصبحت تفرض على المنظومة القضائية مواكبة المستجدات والأشكال الحديثة للتكنولوجيا، و للانفتاح على خدمات جديدة تتحكم في الأجال وترفع الجودة والأمن القضائي فبعد اكتساح الرقمنة هذا المجال بات تقييم نجاعة العدالة الرقمية أمرا ضروريا. حيث يفرض هذا التحول على الفاعلين مزيدا من التنسيق والتعاون، لاستكشاف آفاق جديدة 13 تخدم المهن القضائية
حسن السوسي الذكاء الاصطناعي مقاربة قانونية ، الطبعة الأولى 2023 دار الآفاق المغربية - الدار البيضاء، المطبعة الأورو مراد علوي، رقمنة الإدارة القضائية بالمغرب واقع وآفاق مقال منشور بمجلة القانون والأعمال الدولية الالكترونية، عبر الرابط
متوسطية للمغرب فاس، رقم الإبداع القانوني ص 135 20231332،
https://drive.google.com/file/d/1j2gnQ1DxXFywCG4RP3lp2yhSnS7Sl9Iq/view?usp=drivesdk
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- رسالة ماستر بعنوان نظام الإكراه البدني بميدان تحصيل الديون العامة
- رسالة ماستر بعنوان المسؤولية المدنية لناقل الأشخاص بالمجان
- أطروحة الدكتوراه التدخل العمومي في التعمير
- اختلال التوازن المالي لعقود الاستثمار الاجنبي ودور الوسائل البديلة في معالجته
- رسالة ماستر بعنوان الحماية الجنائية للعقار على ضوء العمل القضائي
- ماستر الجماعات الترابية بين الإستمرارية و التجديد
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- أطروحة دكتوراه إصالح الميزانية العامة بالمغرب
- أطروحة التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة
- أطروحة القاضي الإداري و قواعد القانون الخاص
- أطروحة اطروحة الحماية القانونية لديون الدولة الجبائية
- التدبير العمومي المحلي وإشكالية التحديث أطروحة لنيل الدكتوراه
- أطروحة التدبير الجماعي وإشكالية التدخل التنموي
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان إشكاليات الحمل خارج مؤسسة الزواج
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان الدليل العملي و دوره في اقناع القاضي الجنائي
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان دعوى صعوبة التنفيذ الوقتية وإشكالاتها العملية دراسة عملية
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان المحاكمة العادلة بين النظرية و التطبيق
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان الإنذار العقاري على ضوء العمل القضائي
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان دعوى إتمام إجراءات البيع من خلال العمل القضائي