مقدمة:
يعتبر عقد وكالات الأسفار والسياحة من العقود الجديدة التي اهتمت به مختلف الدول التنظيم ظاهرة السياحة وإعطاؤها أهمية خاصة، بحيث أصبحت هذه الوكالات تقوم بمهمة تقديم خدمات متنوعة، تتمثل في استقبال السياح، وتوفير المبيت والترفيه والتنقل، وتحديد الأماكن والمآثر التاريخية التي سيتم زيارتها، إضافة إلى اعتمادها على مقدمي الخدمات السياحية كالناقل، والفندقي، والمرشد السياحي ، من أجل التنظيم الجيد للرحلة السياحية. وعلى هذا الأساس، فإن دورها انتقل من مجرد وكيل، أو وسيط في بداية ظهورها، إلى مقاول سياحي بعدما أصبحت تملك وسائل النقل، والمركبات 44 السياحية، وتسيير الفنادق وغيرها من الأنشطة السياحية المتعلقة بتنظيم الرحلات الجماعية الشاملة، وذلك بإشرافها على خدمات النقل والإقامة، ووسائل الترفيه والتأمين.
وعليه، فإن موضوع هذا العقد يكتسي أهمية نظرية وأخرى عملية، فمن الناحية النظرية يبدو أن الموضوع لم يحظ بتنظيم خاص، بالرغم من تحديده للعلاقة الرابطة بين طرفيه، ومن تم التزاماتهما، والآثار المترتبة على مخالفتها. ويعتبر من العقود المركبة. ومن الناحية العملية فهو عقد يطرح مجموعة من المشاكل القانونية الناتجة عن المصالح المتعارضة بين كل من وكالات الأسفار والسياحة وزينائها، أو غيرهم من مقدمي الخدمات السياحية الذين يعهد إليهم بتنفيذ بعض التزاماتها. وللتغلب على نوع هذه المشاكل لجأت أغلب الدول في الآونة الأخيرة، إلى وضع إطار تنظيمي قانوني لمثل هذه العقود، وذلك من أجل حماية الظاهرة السياحية والعمل على تنظيم العلاقة التعاقدية التي تربط هذه الوكالات بزبنائها، على مستوى تحديد الحقوق والالتزامات المفروضة على الطرفين معا، خصوصا وأن العقد الذي يجمعهما قد يتفقان بموجبه على مضمونه وشروطه، وبالتالي يجددان كيفية تنفيذه وموعد انتهائه.
وبالرغم من أهمية هذا العقد، والآثار القانونية التي يحدثها في إطار العلاقة العقدية التي تجمع بين وكالات الأسفار والسياحة وزبنائها، فإن إشكالية الموضوع تتجسد في كون المشرع المغربي لم يقم بتنظيمه في مختلف جوانبه وخاصة في ما يتعلق بالمسؤولية الناتجة عن الإخلال بالالتزام العقدي بين الطرفين، حيث أبقى عليها خاضعة في أحكامها للقواعد العامة، وحتى عندما تدخل من خلال ظهير 12 فبراير 1997 قانون رقم 31.96 لسن قواعد خاصة تتعلق بمسؤولية هذه الوكالات، فإن الزبون لم يحظ بالحماية اللازمة باعتباره الطرف الضعيف في علاقته بها، سيما أن هذا القانون لم يستطع من خلاله
1 أحمد السعيد الزفرد، الروابط القانونية الناشئة عن عقد الرحمة مقال منشور في مجلة الحقوق الكويتية، تصدر عن مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، مارس 1998 السنة 22، العدد الأول، من 85
2 - أشرف جابر السيد، عقد السياحة، دراسة مقارنة في ال القانونين ري والفرنسي، دار النهضة العرب بية، القاهرة، السنة 2001، ص 6 و7. - أنظر الظهير الشريعة الصادر في 12 غرام 1997 قانون الرقم واداء المتعلق . رقم 31.96، المتعلق بالنظام الأساسي لوكالات الأسفار، الجريدة الرسمية 4- عبد الرحمان الشرقاوي، العقد السياحي، الطبعة الأولى ساسنة البحوث والدراسات القانونية المعمقة 2012، العدد الرابع، ص 32
1162 عدد 4482 بتاريخ 15 ماي 1997، ص
المجلة الإلكترونية للأبحاث القانونية 2021 المدح 7
ISSN:7476-2605 ردمد
RERJ-N°7
المشرع المغربي تعريف هذا العقد بشكل دقيق، بل ترك الحرية للأطراف المكونة له باختيار نوع الخدمة السياحية، التي يتفقون عليها مقابل تحديد المبلغ المالي الواجب دفعه لتنفيذها. لذا يمكن اعتبار عقد وكالات الأسفار والسياحة بمثابة العقد الذي يربط بين طالب هذه الخدمة السياحية، والوكيل التي يحترف تقديم هذه الخدمة، وسواء كانت هذه الخدمات تخص الرحلات السياحية الفردية بناء على طلب الزبناء، أو رحلات جماعية شاملة بأدق تفاصيلها.
ووعيا بذلك وبأهمية الإشكالية المحورية للموضوع وكفرضية لها يتعين الوقوف عند طبيعة تدخل المشرع المغربي، من خلال الظهير أعلاه لسن قواعد خاصة تتعلق بمسؤولية هذه الوكالات، علما بأنه في القواعد العامة تقوم المسؤولية وتنعقد بتوافر ثلاثة أركان وهي الخطأ والضرر والعلاقة السببية، وبالتالي فإن الاعتماد على هذه المبادئ التقليدية سيؤدي لا محالة بالمتضرر أو الزبون إلى صعوبة لإثبات أركان المسؤولية المشار إليها، لهذا جاء ظهير 1997/02/12 بمسؤولية خاصة، وهي المسؤولية بقوة القانون، لأن الزبون أو السائح بمجرد تعرضه لضرر ما يستحق التعويض عنه دون حاجة لإثبات خطأ وكالات الأسفار والسياحة.
وهكذا يلاحظ أن وكالات الأسفار والسياحة إذا كانت مسؤولة عن الأضرار التي تصيب الزبون عند إخلالها بالتزاماتها العقدية، فإن هذه المسؤولية تكون مقيدة بنوع الضرر المترتب عن ذلك، ويتخذ هذا الأخير عدة أشكال منها الضرر الحسدي المؤدي للوفاة، أو العجز، ثم الضرر المادي المتعلق بماليته والذي يلحق بأمتعته وحقائبه. وقد تنهض المسؤولية هنا من جراء عدم التزامها بالشروط والإجراءات المتضمنة في العقد الذي يربطها بالسائح، وقد تقوم على أساس الخطأ المفترض، بحيث تكون مسؤولة عن كل ضرر يتعرض له السائح، إذا لم تقم بتنفيذ البعض من الالتزامات العقدية التي وعدت بالوفاء بها. وتختلف هذه الأضرار باختلاف طبيعتها، منها ما يتعلق بأمتعة الزبون وأخرى تمس سلامته الجسدية. وقد تنتفي هذه المسؤولية بانتفاء عنصر الضرر باعتباره الركن الأساسي لقيامها في مواجهة الزبناء، وحتى يمكن
https://drive.google.com/file/d/1itabfwqISyQ1iaCuwaw0AxG_OX_Xt-nZ/view?usp=drivesdk
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- رسالة ماستر بعنوان المقاربة الدستورية للمرفق العمومي بالمغرب
- ماستر تأثير مساطر صعوبات المقاولة على الضمانات البنكية
- نظام التنفيذ المعجل على ضوء قانون المسطرة المدنية
- رسالة ماستر بعنوان التعويض في الكراء التجاري
- رسالة ماستر بعنوان القضاء الاداري في المادة الضريبية ودوره في تحقيق النوازن بين الإدارة والملزم
- رسالة ماستر بعنوان المسؤولية المدنية لناقل الأشخاص بالمجان
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- دور السياسة الجنائية في تحقيق الأمن الرياضي أطروحة دكتوراه
- أطروحة سلطة القاضي في الاثبات في المادة المدنية
- أطروحة أحكام اجتهاد القضاء الاداري في المنازعات الضريبية
- أطروحة المؤسسات المتدخلة في مسطرة التحفيظ العقاري
- أطروحة دكتوراه بعنوان مسؤولية الطبيب
- أطروحة دكتوراه بعنوان علاقة السياسة بالإعلام السمعي البصري بالمغرب
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان إشكالية الحضانة في الزواج المختلط
- بحت تخرج الملحقين القضائيين بعنوان جنح اهمال الاسرة بين القانون الجنائي ومدونة الاسرة 2015
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان المحاكمة العادلة بين النظرية و التطبيق
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان أحكام التعدد بين مدونة الأسرة و العمل القضائي
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان زواج المغاربة المقيمين بالخارج بين مدونة الأسرة والعمل القضائي