ورقة تحليلية حول الدولة والدين في الدستور المغربي بين الحماية والاحتماء: من حراسة الدين إلى تديين السياسة


by admin | on 15 mars 2023 | Times view 15
واجهة الملف واجهة الملف

رابط تحميل المقال اسفل التقديم

مقدمة

رغم أن الخوف من الدين هو موضوع مستبطن في الفكر الدستوري الحديث، إلا أن جميع الدول بما فيها العلمانية تعالج قضية الدين مباشرة في الدساتير المعاصرة، بل لا يوجد دستور واحد يمتنع أو يغفل الإشارة إلى الدين، فمن بين 194 دستورا يوجد اليوم 186 تذكر كلمة "الدين"... وما مجموعه 114 دستورا، أي 58.7%، تذكر مصطلحات، مثل: "الله"، أو "الإلهي"، أو الهة أخرى " (1). وفي هذا قد يرتبط الدستور ارتباطا وثيقا بدين معين على العكس من ذلك، قد يتضمن الدستور العديد من الأديان، أو يصمت بشأن مسألة الدين، أو يرسم خطا واضحا بين الدين والدولة.

عربيا، بعد حراك 2011 وحتى سنة 2013، أصبح دور الدين في الدساتير موضوعا ساختا؛ حيث ظهر الاستخدام الخطابي / الرمزي للمفاهيم الدينية في النصوص الدستورية كجزء من النضال من أجل تحديد هوية الدولة، ولعل هذا "التضخم الإسلامي" يجد تفسيره في صعود تيارات الإسلام السياسي في بلدان الربيع العربي بما في ذلك حتى تلك التي لم تشهد ثورات.

مثل المغرب

وعلى العموم، فقد تعاملت حكومات هذه البلدان مع قضية وضع الإسلام في دساتيرها من خلال استراتيجية سياسية ذات شقين: فمن ناحية، عملت دول كالمغرب وتونس على استخدام لغة غامضة تعرف الإسلام كدين للدولة، وفي بعض الأحيان، ذهبت دول، مثل مصر، إلى تحديد الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع، وإن على اختلاف في مستويات هذه المصدرية.

والمغرب بتبنيه للاستراتيجية الأولى في مقابل استبعاده للثانية، يظل مختلفا عن البلدين المذكورين معا (تونس ومصر) بدرجتين مختلفتين طبعا حيث حافظ دستوره الأخير لسنة 2011 على نفس نهج الدساتير السابقة، بما ظل يعنيه من استمرار ربط الأيديولوجية القومية للنظام الملكي بالرموز الإسلامية مع إبقاء التأثيرات القانونية السياسية الإسلامية الفعلية مغمورة قدر الإمكان.

2

في هذا الإطار، تناقش الدراسة الابتكار الدستوري المغربي الذي ينتقل بالحاجة لحماية الإسلام في الدستور إلى شرعية إسلامية حمانية للملكية في حلبة الصراع السياسي وتفترض الدراسة أن الدور السياسي للدين أو ما يصطلح على تسميته "تذيين السياسة" لا يكون متعلقا باستغلال الدين بشكل مباشر في الأزمات السياسية، بل يظهر في الحالة المغربية عن طريق استدخال الدين المحمي بالدستور بشكل مؤسساتي في الحياة السياسية.

ويكثف موضوع الدراسة الإشكاليات الفرعية في هذا الحقل الاستفهامي هل اعتراف الدستور بالإسلام دينا للدولة يتضمن حماية نشطة لوجود وممارسة الدين؟ وما شكل الحماية التي يقررها الدستور للدين؟ هل هي حماية لوحدة الدين أم حماية للحرية الدينية؟ كيف تتمظهر الحماية الدستورية للدين في ظل عدم الحياد الديني للدولة؟ وما حدود هذه الحماية؟ وكيف يجيب الدستور تنصيصا وتأويلا وتنزيلا عن الجدل بين ترحيل الدين إلى المجال الخاص أو تعبير الدين عن الحياة العامة؟ وهل حراسة الدولة للدين هي مدخل للتوظيف السياسي للدين؟ وما الآليات المؤسسية والقانونية المسخرة لذلك؟

1 إطار نظري ومنهجي

سيكون الغرض من هذا المبحث التمهيدي محدودا؛ إذ يهدف إلى تقديم نبذة عن الأدبيات المحيطة بالجدل حول علاقة الدين والدولة في ضوء النظام الدستوري، وتحديدًا علاقة الملكية بالدستور، وكيف تؤثر على دراسة الدين والسياسة والمجتمع.

في حقبة ما قبل استعمار المغرب، كان الإسلام هو الأساس الوحيد لحكم سلطان البلاد. لكن بعد الاستقلال حيث تحولت السلطنة إلى مملكة، وحتى الآن، شهد المغرب علاقة تكافلية ملحوظة بين نظامين مختلفين للسلطة (2) السلطة التقليدية للسلطان كزعيم ديني للدولة، والملك كرئيس للدولة الحديثة في المغرب الأولى هي وظيفة للتطور التاريخي للسلطة المخزنية مشبعة بشرعية رمزية متجذرة في الإسلام، في حين أن الأخيرة هي نتاج ثانوي للإرث الاستعماري الفرنسي في المغرب (3).

فقد حافظت السلطة المخزنية على هياكلها السياسية التقليدية اللازمة لإضفاء الشرعية عليها. وفي الوقت نفسه، قامت بإصلاحمؤسساتها نحو إدارة حديثة داخل ملكية دستورية للواجهة من الناحية الرمزية، يتم تصنيف الإسلام ضمن الأشكال المختلفة الشرعية السلطة الملكية؛ حيث الملك هو الإمام، ومفهوم الإمامة أو الخلافة يتأسس بناء على مفهوم الأمة، الذي ارتبط تاريخيا بمفهوم القيادة السياسية للجماعة المسلمة " (4)، والذي يدمج في تعريفه هذا من منطلق ديني، منطلقا علمانيا أيضا يوصف الأمة كنموذج مدني للقومية، أي ينظر إلى الأمة كجماعة سياسية وجماعة اجتماعية في نفس الآن.

إن إعادة اختراع الأيديولوجيا السلطانية التي تقوم على المماثلة بين الحاكم والإله، والتي خضع لها المغرب في العهد الاستعماري، لم تحل بعده في مرحلة الاستقلال دون استمرار ربط الملكية بالإسلام، والذي صار يعني ارتباط الملكية بالمفهوم الديني للسلطة، ولذلك لم يستطع إصدار أول دستور للبلاد أن يغير الطبيعة التقليدية لسلطات الملك فالدستور الذي خضع للسيطرة الملكية جعل سلطة الملك هي الموجهة من منطلق مبدأ وحدة القوة؛ حيث الملك هو القوة الثابتة الوحيدة، في حين أن جميع القوى السياسية الأخرى عابرة، وهو ما مكن في المستقر من هيمنة الملك على جميع جوانب السلطة السياسية.

وبحكم أن فكرة الدستور نفسها غريبة عن الثقافة العربية الإسلامية؛ حيث تم استيرادها من أوروبا بعد مرحلة أسلمة الدستور. فقد تأثر أول دستور للمغرب المستقل بالدستور الفرنسي لعام 1958، وبذل الملك الحسن الثاني جهدًا لدفع الملكية التقليدية باتجاه بنى برلمانية. وقد أقام دستور 1962 برلمانا مؤلفا من مجلسين (5) وحكومة موازية؛ ليعمل على تكديس النظام لصالحه من خلال استثماره مع السلطة القومية والدينية، وتكييفه مع هيكل دستوري يمكنه بطبيعته المركزية وشبه الرئاسية، أن يستوعب ملكا قويا، مشابها لرئيس فرنساء يحكم جنبا إلى جنب مع رئيس وزراء أضعف. وإلى هذا الهيكل الدستوري الأوروبي

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1F7avap6zBbC68Ejf_4_lU4XdjmkEI2dL/view?usp=drivesdk

مراجع قانونية

مساطر قضائية و إدارية / استشارات قانونية


Categories


+2500
file to download
+120
categorie to search in
+1000
article to read
+20
main subject

A Few Facts About Our website