مقدمة:
لقد اعتبر إحداث المحاكم الإدارية بحق إصلاحا قضائيا بالغ الأهمية وفاتحة عهد جديد لضمان وصون الحقوق والحريات ببلادنا ومبدأ المشروعية وسيادة القانون، وأهم المستحدثات التي أتى بها هذا القانون هو مؤسسة المفوض الملكي التي تعتبر مكسبا قضائيا لا عهد للقضاء المغربي به، وقد أناط بها الدفاع عن القانون والحق بكل استقلال وحرية، وقد أطلق عليها المشرع المفوض الملكي للدفاع عن الحق والقانون وهو اسم يميزها عن باقي التشريعات المقارنة كفرنسا ومصر. إذ أن تسمية مفوض الحكومة بفرنسا وتسمية مفوض الدولة في مصر يعتبر اسما على غير مسمى ولا ينطبق على المهام التي يقوم بهاء باعتباره يوحي فقط بالدفاع عن الحكومة والدولة في المنازعات الإدارية، وكأنه نوع من النيابة العامة وهو اسم منتقد فقها وقضاء لأنه لا ينطبق على المهمة التي يقوم بها في تلك المنازعات من الدفاع عن الحق والقانون بكل تجرد وحرية. وقد نظم المشرع المغربي بالقانون المحدث للمحاكم الإدارية 90-41 من خلال الفصول 2 54 طريقة تعيين المفوض الملكي ومهمته في الدفاع عن القانون والحق ووسيلته في ذلك هي مستنتجاته الكتابية والشفوية وحضوره في جلسات المحكمة ولم يخول له حق المشاركة في إصدار الأحكام بمفهوم تصويته في المداولة، اعتبارا لخصوصية هاته المؤسسة، والواقع أن وظيفة هذه المؤسسة كما هي محددة باقتضاب وشمولية بالمواد المذكورة أعلاه تثير عدة تساؤلات وإشكالات لدى الباحثين والمهتمين بها من حيث تعيين المفوض الملكي وعلاقته برئيس المحكمة الإدارية وبالهيئة القضائية ومركزه القانوني وعلاقته بالأنظمة القانونية المشابهة ومدى خضوعه القواعد التجريح ودوره في الدفاع عن الحق والقانون بصدد المنازعات الإدارية ومستنتجاته، ومجالها بين قضاء الموضوع وقضاء الاستعجال وكيفية إنجازها وطريقة عرضها على هيئة المحكمة بالجلسة ومدى مواصلة الدفاع عن الرأي والقانوني بها خلال جلسة المداولة ومعرفة مالها بحضور جلسة النطق بالأحكام وعلى ضوء ذلك تتضح معالم هذا البحث كما يلي: سوف نتناول في القسم الأول نظام المفوض الملكي في القانون المقارن وسوف نقسمه إلى مبحثين:
المبحث الأول تتناول فيه نظام مفوض الحكومة بفرنسا من حيث نشأته وتعيينه ومهمته القضائية
ودوره في المنازعة الإدارية مع تقييم هذا النظام.
ثم نتناول في مبحث ثان نظام مفوض الدولة في مصر وطبيعته المتميزة عن كل من القانون المغربي والقانون الفرنسي حيث يجمع فيه بين تحضير الدعوى الإدارية وإبداء الرأي القانوني فيها واختصاصه في
1
قضاء محكمة النقض عدد 76
دراسات
المنازعة الإدارية مع تقييم هذا النظام وإبراز مميزاته وإيجابياته وسلبياته، ثم تتناول في القسم الثاني نظام المفوض الملكي في التشريع المغربي وسوف نتناول في مبحث أول الجانب الإداري من مؤسسة المفوض الملكي وهو ينقسم إلى فرعين الفرع الأول يتعلق بتعيين المفوض الملكي والإشكال المرتبط بذلك. والفرع الثاني يتعلق ببيان علاقة المفوض الملكي برئيس المحكمة على ضوء أحكام ظهير 15 يوليوز المتعلق بالتنظيم القضائي وما لحقه من تعديل وتتناول في مبحث ثان المركز القانوني للمفوض الملكي وعلاقته يبعض الأنظمة المشابهة ومدى خضوعه القواعد التجريح المنصوص عليها بالفصول 195 إلى 199 من قانون المسطرة المدنية وتتناول في مبحث ثالث المهمة القضائية للمفوض الملكي في الدفاع عن القانون والحق بدءا بإحالة الملف على مكتبه وانتهاء بوضع مستنتجاته في المنازعة الإدارية بعد تبيان طبيعة مستنتجاته ومجالها بين دعوى الموضوع وقضاء الاستعجال وحضور جلسات المحكمة وكيفية عرض تلك المستنتجات وحضوره جلسات المداولة والنطق بالأحكام، ومدى جواز الطعن فيها لنذهب أخيرا بتقدير نظام هاته المؤسسة على ضوء إيجابياتها وسلبياتها الملاحظة يحكم واقع التجربة خلال مدة العمل بها مع اقتراحات في الموضوع
القسم الأول: نظام المفوض الملكي في القانون المقارن
سوف نتناول في هذا القسم نظام مفوض الحكومة في فرنسا باعتبار أن القضاء الإداري بفرنسا يعتبر النظام النموذجي في القضاء الإداري العالمي والتجربة الرائدة للدول التي حدث حدوه، كما تتناول فيه نظام مفوض الدولة في مصر الذي يعتبر ذا طبيعة خاصة يجمع فيه المفوض الملكي بين مهمة تحضير الدعوى الإدارية وإبداء الرأي القانوني المسبب حولها.
المبحث الأول: نظام مفوض الحكومة في فرنسا
لا يمكن فهم هذه الوظيفة على حقيقتها دون التذكير بالإطار التاريخي الذي نشأت فيه وتشكلت وعليه سوف نتناول في هذا المبحث التطور التاريخي لنظام مفوض الحكومة بفرنسا وطريقة تعيينه ودوره في المنازعة الإدارية وعلاقته بهيئة القضاء الإداري وطبيعة مستنتجاته لتنتهي إلى تقييم هذا النظام.
أ - نشأة مفوض الحكومة بفرنسا
إن القرار الملكي الصادر بتاريخ 12 مارس 1831 هو الذي أحدث نيابة عامة لدى مجلس الدولة وقد نص فيه من خلال الفصل الثاني منه أنه في بداية كل ثلاثة أشهر يعين رئيس مجلس الدولة ثلاثة نواب يمارسون مهام النيابة العامة وفي كل قضية يجب أن يستمع إلى واحد منهم للدفاع عن مصالح الإدارة. وقد علق ذ. دوفيرجي على ذلك بقوله: "لا شيء يحدد مهام وواجبات هذه النيابة العامة فستطبق دون المقتضيات المتعلقة بالنيابة العامة أمام المحاكم العادية، وقد اعتبر في تلك الفترة النواب المعينون الممارسة النيابة العامة بصفة عامة بأنهم ناطقين باسم الحكومة وقد كتب عن ذلك ذ. CORMERIN في
https://drive.google.com/file/d/14Sp4iLKZqMwZqUb3KwnievXcNc5_rPgY/view?usp=drivesdk
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- رسالة ماستر بعنوان العمل القضائي المغربي في مجال نزاعات الشغل الفردية
- رسالة ماستر بعنوان الإدارة الإلكترونية في ظل الأزمات أزمة كورونا كنموذج
- رسالة ماستر بعنوان دور الصلح في حماية الأسرة.PDF
- رسالة ماستر بعنوان المرابحة المصرفية في القانون المغربي
- اختلال التوازن المالي لعقود الاستثمار الاجنبي ودور الوسائل البديلة في معالجته
- شفعة العقار غير المحفظ الأحكام و الآثار
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- أطروحة القرار التنظيمي في القانون العام المغربي
- أطروحة دكتوراه بعنوان علاقة السياسة بالإعلام السمعي البصري بالمغرب
- أطروحة العقد المبرم بطريقة الكترونية
- أطروحة الوالي والعامل في التنمية المحلية
- أطروحة القاضي الإداري و قواعد القانون الخاص
- أطروحة التدبير التعاقدي بين الإدارات المركزية و المديريات اللاممركزة بالمغرب
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان دعوى صعوبة التنفيذ الوقتية وإشكالاتها العملية دراسة عملية
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان أحكام التعدد بين مدونة الأسرة و العمل القضائي
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان إشكاليات الحمل خارج مؤسسة الزواج
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان القضاء والعدالة التعاقدية
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان الجريمة المعلوماتية على ضوء العمل القضائي المغربي