الأصل في القانون انه لا يسري على الماضي، وهذا ما أسماه فقهاء القانون بمبدأ (عدم رجعية القانون) ومضمون هذا المبدأ أن أثر القانون لا يمتد إلى الماضي فيحكم الوقائع التي صدرت قبل نفاذه إنما يحكم القانون الوقائع التي حدثت بعد نفاذه، ويكون تاريخ نفاذ القانون هو الفيصل في تحديد نطاق تطبيقه من حيث زمان، فكل القوانين يعمل بها من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية ما لم ينص على تاريخ آخر،
فالنصوص القانونية ليست مؤبدة بحيث تطبق في كل زمان ومكان بل هنالك فترة محددة تطبق خلالها هي الفترة المحصورة ما بين نفاذها إلى إلغائها، فلا يجوز الخروج عنها إلا إذا دعت مصلحة المجتمع لذلك.
المبدأ إذن، أن أحكام القاعدة الجنائية لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، و منذ تلك اللحظة يفرض القانون الجديد سلطانه على كافة الجرائم التي تقع ابتداء من هدا التاريخ.
لئن كانت القاعدة العامة عند العديد من الفقهاء هي عدم رجعية القانون إذا كان تطبيقه يؤدي للمساس بحقوقه مكتسبة للأفراد , إلا أنهم يقرون بوجود عدة استثناءات ترد على مبدأ عدم رجعية القانون حيث يطبق القانون الجديد ولو هذا التطبيق يؤدي إلى المساس بالحقوق المكتسبة في القانون القديم, وهذه الاستثناءات هي :
1 – النص الصريح على الرجعية :
فمبدأ رجعية القانون يقيد القاضي و لا يقيد المشرع بمعنى أن للمشرع الحق في أن يجعل التشريع الجديد ساريا على الماضي لكن يجب عليه حينئذ أن ينص صراحة على رجعية هذا التشريع أي أنه لا يكتفي في ذلك إلى الاستناد إلى إرادته الضمنية فإن خلا التشريع من نص صريح على رجعية القانون فلا يملك القاضي تطبيقه على الماضي و المساس بما ثم اكتسابه فيه من حقوق ويفسر استثناء النص الصريح على الرجعية بأنه في بعض الحالات قد تكون هناك مصلحة عامة تقتضي لتحقيقها التضحية باستقرار المعاملات أو الحقوق المكتسبة للأفراد .
2 – القانون الجنائي الأصلح للمتهم : إذا كانت القوانين الجنائية أصلح للمتهم فإنها تسري على الماضي , فتحكم بما ارتكب قبل نفاذها من جرائم وهي تعد أصلح للمتهم إذا كانت تزيل وصف الجريمة عن الفعل أو تخفف من العقوبة المقررة له في القانون القديم, إلا أن استفادة المتهم من قانون جديد يخفف العقوبة مشروطة بأن لا يكون هذا القانون قد صدر بعد صدور حكم نهائي.
3 – القوانين المتعلقة بالنظام العام و الآداب العامة :
فهذه القوانين لا تخضع لمبدأ عدم رجعية القانون حيث لا يجوز للأشخاص التمسك بحقوق اكتسبوها بعدما أصبحت مخالفة للنظام العام, حتى ولو لم تنص هذه القوانين على سريانها على الماضي لأن قواعد النظام العام و الآداب قواعد آمرة لا تجوز مخالفتها أو الوقوف في سبيل سريانها احتجاجا بحق مكتسب, ولذلك تعتبر القوانين المتعلقة بالنظام العام و الآداب العامة قوانين رجعية خروجا عن مبدأ عدم رجعية القانون
4 – القوانين التفسيرية :
وهي القوانين التي تصدر لتفسر قانونا سابقا ورد غامضا دون أن تضيف غليه أحكاما جديدة , ومن الطبيعي أن يمتد حكمها إلى الوقائع التي حدثت في ظل القانون القديم الذي صدرت تفسيره, لأن هذه القوانين تعتبر قوانين جديدة من حيث الشكل فقط, لكونها لم تصدر إلا لإزالة الغموض الذي اكتنف القانون السابق ووضع حد للخلاف حول حقيقة المقصود به , مما يعني أنها جزء لا يتجزأ من القانون القديم الأمر الذي يلزم المحاكم بتطبيقها على القضايا المعروضة أمامها والتي لم يفصل فيها بحكم نهائي.
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- دعوى المصادقة على الحجز لدى الغير
- دور الإدارة الإلكترونية في تسيير الخدمة العمومية
- رسالة ماستر بعنوان نظام التنفيذ المعجل على ضوء قانون المسطرة المدنية
- رسالة ماستر بعنوان الإنذار العقاري
- رسالة ماستر بعنوان مسطرة الانقاد ودورها في استمرارية المقاولة المتعثرة
- المساطر الجماعية ودورها في تعميم التحفيظ اطروحة
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- أطروحة المؤسسات المتدخلة في مسطرة التحفيظ العقاري
- أطروحة القرار التنظيمي في القانون العام المغربي
- أطروحة العقد المبرم بطريقة الكترونية
- أطروحة منظومة الأوقاف العامة بين التأطير القانوني و الفقهي و القضائي
- سلطة القاضي في الاثبات في المادة المدنية
- أطروحة دكتوراه بعنوان مسؤولية الطبيب
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان القضاء الإستعجالي في المادة الإدارية
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان ثبوث النسب بين النص والتطبيق
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان الإنذار العقاري على ضوء العمل القضائي
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان التحكيم في نزاعات الشغل
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان إشكالية الحضانة في الزواج المختلط