بعدما توضح نهج المغرب في إطار المنظومة الصحية و الأهداف التي يسعى للوصول إليها، فهي تبقى مجرد حبر على ورق بدون آليات لتنزيلها و تنفيذها على أرض الواقع، و تعددت آليات التنزيل فيما يمكن تلخيصه في :
أ – آليات بنيوية:
في إطار تقريب الإدارة و المرافق العامة من المواطن، و التوزيع العادل للخدمات الطبية على التراب الوطني، استثمر المغرب في بناء العديد من المستشفيات التي من شأنها معالجة العديد من المشاكل المتعلقة ببعد المرافق الطبية و ارتفاع تكلفة التنقل إليها، تعمل الدولة المغربية حاليا على إنشاء ثلاث مستشفيات جامعية بكل من الراشيدية (500 سرير)، بني ملال (500 سرير) و كلميم (500 سرير)، و التي ستكون قيمة مضافة لهذه المناطق و لمواطينيها كونهم يتكبدون عناء كبير للإستشفاء بالمدن التابعين لها.
بالإضافة إلى هذا، بنت الدولة المغربية أو في طور بناء أو تأهيل مستشفيات إقليمية و جامعية أخرى عديدة للزيادة في العرض الصحي، و يمكن ذكر مثلا المركز الجامعي بطنجة بسيعة 771 سرير، المركز الإستشفائي الإقليمي بالحسيمة بسيعة 250 سرير، المركز الإستشفائي الإقليمي بوزان بسيعة 120 سرير، المركز الإستشفائي الجهوي مولاي يوسف بسيعة 300 سرير، مستشفى الأمراض العقلية بالقنيطرة بسيعة 120 سرير، مركز استشفائي جامعي بمدينة العيون بسيعة 500 سرير و مركز استشفائي إقليمي بطرفاية بسيعة 70 سرير، و تبقى هذه بعض المشاريع التي انتهى العمل عليها و يشرف الإنتهاء عليها التي سترفع من العرض الطبي بكل تراب المغرب، مع العديد من المشاريع الأخرة لمستشفيات القرب.
و تعتبر المستشفيات الجامعية بالمغرب مستشفيات مستوى ثالث تتوفر على أحدث التقنيات و ذات طاقة استيعابية عالية، حيث يصل مستشفى الرباط الجامعي ابن سينا لوحده لطاقة استيعابية ب 1044 سرير، و الذي عرف تأهيل في بنيته و طاقته ليواكب التقدم الذي تسير فيه مدينة الرباط.
يتوفر المغرب على عدد لا يتجاوز 9 مستشفيات جامعية بين التي هي تعمل و التي في طور الإنجاز مع توزيع غير عادل بينها بتموقعها بالمدن الكبيرة الإقتصادية المعروفة، و بالمقارنة دول أخرى، نجد مثلا فرنسا لديها 32 مستشفى جامعي[1] موزعة على كل التراب الفرنسي، و هذا يبرز الإختلاف في العدد، لكن اختلاف طبيعي نظرا للتقدم الذي تعرفه فرنسا، لكن يجب السعي للرفع من عدد المستشفيات الجامعية بالمغرب لأهميتها.
كما اعتمدت وزارة الصحة على توجهات رقمية لتدبير مرفق الصحة، فنص القانون 22-06 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية في الباب الثامن منه على رقمنة المنظومة الصحية، حيث أكدت المادة 28 على ما يلي: من أجل تتبع أداء المنظومة الصحية وتقييمه، تحدث منظومة معلوماتية صحية وطنية مندمجة، يتم في إطارها جمع ومعالجة كل المعطيات المتعلقة بالمؤسسات الصحية العامة والخاصة وبأنشطتها وبمواردها.
ب- آليات بشرية:
لا يمكن لمرفق الصحة العمل دون أطر طبية و إدارية على كفاءة عالية و حس من المسؤولية، لهذا انتهج المغرب سياسية تكوين هذه الأطر و الإرتقاء بها، لتحقيق هذه الغاية عملت الدولة المغربية على إطلاق مشاريع لإحداث كليات طب جديدة للمساعدة في تكوين أطر طبية جديدة، وذلك إحداث كليات للطب بمدينة الراشيدية و بني ملال و كلميم لتكوين أعداد كيبرو من الأطر الصحية و بالتالي الرفع من الخدمات الطبية للموجهة للناس.
في إطار سياسة الدولة في الإستثمار في الموارد البشرية المؤهلة لخدمة قطاع الصحة، أكد الوزير المكلف بالقطاع السيد ايت الطالب إلى تعزيز التكوين الأساسي و المستمر لمهنيي الصحة، بالإضافة إلى الرفع من الطاقة الإستيعابية للمعاهد العليا للمهن التمريضية و تقنيات الصحة من 400 مقعد برسم السنة الدراسية 2021-2022 إلى 6200 برسم السنة الدراسية 2022-2023، مع إحداث تخصصات جديدة تواكب تطلعات الدولة في هذا المجال.
كما نهجت الوزارة الوصية على قطاع الصحة و المديريات الجهوية التابعة لها في إجراء مباريات مكثفة للتوظيف بشتى الأسلاك و الوظائف لمواجهة النقص الحاد فيها، و لتنزيل ما تسعى الدولة الوصول إليه في هذا المجال.
ت – آليات قانونية:
المنظومة الصحية كيفما كانت لا يمكن تحقيقها دون إطار قانوني و قوانين منظمة تهدف إلى تأطير تنزيلها و شرعنتها، في هذا الإطار صدرت عدت قوانين ممهدة لخلق منظومة صحية كما تم تصورها في النموذج التنموي و البرنامج الحكومي، تتجلى هذه القوانين في :
و بالتالي و حسب القانون رقم 08.
22 بإحداث المجموعات الصحية الترابية، تحدث بكل جهة من جهات المملكة، تحت تسمية المجموعة الصحية الترابية مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، يشار إليها في ما بعد باسم المجموعة.
كما نصت المادة الثالثة من نفس القانون على أنه:
طبقا لأحكام المادة 32 من القانون الإطار رقم 06.
22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، تضم المجموعة جميع المؤسسات الصحية العمومية التابعة لنفوذها الترابي، باستثناء :
- المؤسسات الصحية الخاضعة لنصوص تشريعية أو تنظيمية خاصة ؛
- المؤسسات الاستشفائية العسكرية ؛
- المكاتب الجماعية لحفظ الصحة.
و قد لخصت المادة الرابعة من نفس القانون المهام العامة للمجموعات الصحية الترابية في كونها تتولى ، في حدود مجالها الترابي، تنفيذ سياسة الدولة في مجال الصحة.
ج – آليات مالية:
سبق أن خصصت وزارت الصحة لهذا القطاع ميزانية تقدر ب 17.
3 مليار درهم سنة 2022، بالإضافة إلى 5500 منصب لخدمة هذا القطاع الحيوي، منها ميزانية 4.
2 مليار درهم لتنزيل ورش الحماية الإجتماعية[2] كما أكد الوزير في الجواب على أحد الأسئلة الموجهة إليه بمجلس النواب عزم الوزارة الرفع من ميزانية الصحة بمقدار 4 ملايير لتصل إلى 23 مليار في الينة الموالية[3]، و بالمقارنة بالدولة الفرنسية لإيضاح مدة ضعف هذا العدد، ففي سنة 2017 خصص لميزانية الصحة ما يعادل 1.
3 في المئة من من الناتج الإجمالي المحلي لفرنسا، و هي الدولة ذات الناتج الإجمالي المحلي الذي يتعدى تريليون دولار، بالمقارنة مع نسبة تترواح بين 6 و 7 في المئة في المغرب الذي لا يتجاوز ناتجه الإجمالي المحلي 130 مليار دولار، أما بالنسبة لدول أخرى نوجد ألمانيا بنسبة 10.
6 في المئة، كندا بنسبة 10 في المئة، و الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 17.
1 في المئة سنة 2018 مع ناتج إجمالي محلي الأعلى في العالم[4].
يمثل تمويل القطاع الصحي بالمغرب، يشتى أشكاله، 6% من الناتج الداخلي الخام كما سبق الإشارة له، غير أن مساهمة الدولة في تمويل المنظومة الصحية لا تتعدى 25% من النفقات الصحية، و تتأتى هذه المداخيل على وجه الخصوص من النفقات الضريبية، و في المقابل تمثل مساهمة التأمين الصحي حوالي 22%، فيما تساهم الأسر بأكبر نسبة في تمويل المنظومة بحوالي 50%، و النسبة الباقية تأتي من مصادر متنوعة أهمها المشغلون 1.
2%، و التعاون الدولي بحوالي 0.
6%، هذه الإحصاءات تبين أن الأسر هي أكبر ما يتحمل تمويل المنظومة الصحية بالمغرب، و هو ما يبدو غير عادر خصوصا بالنسبة للأسر الفقييرة التي تحملهم الدولة أعباء أكثر مما يتحملون[5].
com/chu">https://www.
quali-sante.
com/chu
[2] عصام ازمي،م.
س 2023، ص 62.
[3] مداولات مجلس النواب، دورة ابريل 2022، ص 12.
[4] مقال مر فوع على موقع ويكيبيديا، ت�� الإطلاع عليه بتاريخ 12/11/2023 في الساعة 23:00.
https://ar.
m.
wikipedia.
org/wiki/ الرعاية_الصحية_في _فرنسا
[5] عصام القرني، الإنفاق العمومي الصحي بالمغرب، مجلة البوغاز للدراسات القانونية و القضائية، عدد 16 يوليوز 2021، ص 171.
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- رسالة ماستر بعنوان أزمة القواعد العامة للتعاقد في ظل إجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة
- ماستر تأثير مساطر صعوبات المقاولة على الضمانات البنكية
- تنفيذ المقررات القضائية الصادرة في مادة التحفيظ العقاري
- رسالة ماستر بعنوان تصرف الشريك في العقار المملوك على الشياع
- رسالة ماستر بعنوان دور المجلس الأعلى للحسابات في حماية المال العام و مكافحة الفساد
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- أطروحة حماية المستهلك بين القوانين العامة والخاصة
- أطروحة المنازعات الجبائية في مجال الضرائب المباشرة بالمغرب
- أطروحة التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة
- أطروحة اطروحة الحماية القانونية لديون الدولة الجبائية
- أطروحة أحكام اجتهاد القضاء الاداري في المنازعات الضريبية
- أطروحة التدبير التعاقدي بين الإدارات المركزية و المديريات اللاممركزة بالمغرب
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان الهبة والصدقة إشكالية حوز الموهوب له من خلال أدلة الفقه والقضاء
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان الجريمة المعلوماتية على ضوء العمل القضائي المغربي
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان دعوى إتمام إجراءات البيع من خلال العمل القضائي
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان ثبوث النسب بين النص والتطبيق
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان المحاكمة العادلة بين النظرية و التطبيق
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان التحكيم في نزاعات الشغل