لم يول مشرع مدونة الأحوال الشخصية أي أهمية لأموال الزوجين، التي ظلت خارج كل إطار قانوني محدد يحميها ويبين بشأنها المرجع الذي يمكن الركون إليه لتنظيم العلاقات المالية للزوجين، باستثناء ما كان واردا في الفصل 39 والذي لا يمكن اعتباره كافيا للقول بوجود نظام قانوني لتدبير الأموال المكتسبة خلال الحياة الزوجية، فهو لا تتعلق إلا بالنزاع حول متاع البيت وإشكالية إثبات ملكية.
فإذا كان الزواج يجمع بين الرجل والمرأة، فهل يمكن لهذا الاقتران أن يجعل من كلا الزوجين شخصية واحدة، على غرار بعض التشريعات الغربية؟ ما هو مصير أموالهما التي ستصبح جنبا إلى جنب خلال الحياة الزوجية؟ برجوعنا إلى مدونة الأسرة، نجد أن المشرع المغربي قد اعترف للمرأة المتزوجة بشخصيتها المستقلة عن شخصية الزوج واعتبرها عضوا كامل الأهلية داخل مؤسسة الأسرة، دون تمييز بينها وبين الرجل في مباشرة حقوقها وتحمل إلتزاماتها، إلا ما فرضته الخصوصيات الناتجة عن الطبيعة الفزيولوجية والبيولوجية لكلا الجنسين وما ينتج عن ذلك من تمايز بينهما.
فانطلاقا من الصفة الإنسانية التي يتساوى فيها الرجل والمرأة، فإن هذه الأخيرة تبقى شريكة الرجل لكونها إنسانا كاملا مما يحتم أن تتمتع مثله بسائر الحقوق، خصوصا بعدما تأكد علميا أن التفاوت الحاصل بينهما واختلافهما هو اختلاف عضوي بسيط لا تأثير له على الحقوق التي يجب أن يتمتعا بها أو المسؤوليات التي يجب أن يتحملاها داخل الأسرة ، فالمرأة لها كامل الحق في التملك والانفراد بذمتها المالية، التي تبقى مخصصة لمعاملاتها المالية وهي في ذلك تعتبر مستقلة بذاتها غير تابعة أو مكملة لذمة الزوج.
وترتيبا على ذلك فكل ما تشمله الذمة المالية –من عناصر إيجابية وسلبية- تبقى في ملكية صاحبها، وهو وحده المسؤول عنها، فالصداق مثلا حسب الفصل 29 من مدونة الأسرة ملك خالص للمرأة، تتصرف فيه كما تشاء ولا حق للزوج في مطالبتها بأثاث أو غيره مقابل الصداق الذي أصدقه إياها، غير انه بالنسبة للزوج فإن قاعدة استقلاله بذمته المالية تتسم ببعض المرونة والنسبية إذ تستحق عليها النفقة الواجبة للزوجة والأبناء .
وإذا كانت هذه النصوص توحي بشكل ضمني على استقلال كل من الزوجين بأمواله فإن الفصل 49 من مدونة الأسرة نص بشكل صريح على أن لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، إذن فالذي يتزوج هما الزوجان وليس الأموال .
لكن ما هي مكونات هذه الذمة التي يتمتع بشأنها كل زوج بملكيته الخاصة؟ بالنسبة للزوجة يمكن تحديد مكونات ذمتها المالية في ما يلي: 1- الأموال المنقولة والعقارات التي اكتسبتها قبل إبرام عقد الزواج.
2- الديون المستحقة لها اتجاه الغير والديون التي بذمتها لفائدة الغير.
3- ما قد يؤول إليها عن طريق الهبة أو الإرث أو الوصية أو عن طريق تعويض شخصي.
4- الصداق والهدايا التي يقدمها الزوج أثناء الخطبة وعند إبرام عقد الزواج.
5- ما تحضره لبيت الزوجية من أثاث وأمتعة ومجوهرات ومواد أخرى.
أما بالنسبة للزوج فذمته المالية تتكون من: 1- الأموال المنقولة والعقارات التي اكتسبها قبل إبرام عقد الزواج.
2- الديون المستحقة له اتجاه الغير والديون التي في ذمته لفائدة الغير.
3- ما قد يؤول إليه عن طريق الهبة أو الإرث أو الوصية أو ما في حكمها أو عن طريق تعويض شخصي.
فهل راعى المشرع المغربي في باقي القوانين الأخرى مبدأ استقلال الذمة المالية للزوجين عند تنظيمه للعلاقات المالية بشكل عام؟
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- الإثبات في عقود التبرعات العقارية الوقف والهبة نموذجا
- رسالة ماستر بعنوان البيع الجبري للعقار في إطار مسطرة التصفية القضائية
- شفعة العقار غير المحفظ الأحكام و الآثار
- رسالة القسمة القضائية العقارية
- رسالة ماستر بعنوان التصالح و التحكيم في نزاعات الشغل الجماعية ،دراسة قانونية وواقعية
- رسالة ماستر بعنوان المستجدات المتعلقة بالتقييد على الرسوم العقارية على ضوء القانون 14.07
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- أطروحة العقد المبرم بطريقة الكترونية
- أطروحة الوالي والعامل في التنمية المحلية
- إثبات دعوى استحقاق العقار غير المحفظ
- أطروحة المؤسسات المتدخلة في مسطرة التحفيظ العقاري
- أطروحة اطروحة الحماية القانونية لديون الدولة الجبائية
- أطروحة سلطة القاضي في الاثبات في المادة المدنية
أنظر جميع مقالات هذا الموضوع :
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان الهبة والصدقة إشكالية حوز الموهوب له من خلال أدلة الفقه والقضاء
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان ثبوث النسب بين النص والتطبيق
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان المحاكمة العادلة بين النظرية و التطبيق
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان أحكام التعدد بين مدونة الأسرة و العمل القضائي
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان التحكيم في نزاعات الشغل
- بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان دعوى صعوبة التنفيذ الوقتية وإشكالاتها العملية دراسة عملية